[center]الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد :
فالحديث عن الأدب مع الجيران متشابك الأغصان ، ملتف الأفنان ؛ يتصل بما كان وما بات يفعله أهل الزمان .
وقد كان للجوار قبل الإسلام حق يعرفه ذوو العقول والمروءة والنخوة من العرب ؛ وشاع ذلك بينهم ، حتى كان رمزًا للحماية والصيانة أن فلانًا في جوار فلان ، وحتى صار من أراد دفع شرور البعض دخل في جوار بعض أسياد العرب ، فلا يقربه أحد بسوء .
وظهر في العرب أخلاقيات لحفظ الجوار ؛ حتى قال عنترة :
إني امـرؤٌ سَمْحُ الخليقةِ مَاجـدُ ... لا أُتْبِعُ النفسَ اللجوجَ هَوَاها
وأَغُضُّ طَرفي إنْ بَدَتْ لي جَارتي ... حتى يواري جَـارتي مَأْوَاها
فلما جاء الإسلام أقر ما كان يفعله أهل المروءة والنخوة ، وزاد عليه حقًّا وفضلا وأدبًا في معاملة الجار .
فجعل الإسلام من علامات كمال الإيمان الإحسان إلى الجار ، وكف الأذى عنه ، والصبر عليه وتحمل أذاه ؛ فالجار له من الحرمة والحق ما جعله الله له في كتابه ، ووصى به جبريل رسول الله e غاية الوصية ، وعلق النبي e الإيمان بالله واليوم الآخر بإكرامه والإحسان إليه وعدم أذيته .
ولما أصبح الناس في زمان نسيت فيه كثير من تلكم الآداب التي عاش بها الجيران يرعى بعضهم حرمات بعض ، ويستر بعضهم عورات بعض ، ويسعى بعضهم في حاجات بعض ؛ يطلبون بذلك مرضات الله تعالى ، ويحتسبون الأجر عنده سبحانه ؛ أردنا في هذه الرسالة ( الأدب مع الجيران ) بيان ما يتعلق بهذا الموضوع بدءًا من تعريف الجار ، وأقسام الجيران وأصنافهم ، وانتهاء بالتحذير من إيذاء الجار لما يترتب عليه من سوء العاقبة ، نعوذ بالله تعالى منها .
والله تعالى أسأل أن يرد المسلمين إلى دينهم ردًا جميلا ، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ؛ إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه ؛ وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه
محمد بن محمود بن إبراهيم عطية
منقول للفايده